علي الرغم من أنني من مواليد محافظة أسوان عام 1971وبذلك أكون قد عاصرت نهايات العهد الناصري وأنا بيبى ثم عهد الرئيس السادات وأنا طفلا ثم عصر الرئيس مبارك حتي أمسيت شابا وكبرت مع الرجل وناهز عمري الآن 38 عاماً وأكاد أجزم الآن وأنا علي مشارف الاربعون من العمر أن العمر كما يقال هو لحظة ؟ فقد مرت السنون كوميض البرق وقد صدق الله العظيم في قوله تعالي أن يوم عند ربك بألف سنة مما تعدون , نعم مر العمر والله كلحظة وربما أقل من اللحظة , ولقد شاء الله لي أن أري وأعيش سنوات فيما مضي من زمان أصبح يعرف حالياً بالزمان الجميل فقد كانت مصر إبان العهد الناصري وحتي نهايات العصر الساداتي وطناً لكل المصريين وبالمعني الكامل للوطن والذي أحتضن أبناؤه ووفر لهم حياة كريمة بقدر مقبول أرضي كافة النفوس والطبقات وكان الناس غير الناس والحال غير الحال والجو والمناخ غير الجو والمناخ وكنت تشعر أن جميع مواطني المحروسة هم أهلك وجيرانك وأخوانك ولا أدري ماذا حدث ؟ فلقد تبدل بنا الحال فأصبح الوطن غير الوطن والحال غير الحال وتبدلت وتعقدت النفوس بل والحياة بكافة معانيها ونواحيها وبعد وفاة ورحيل كرام الناس والأهل والجيران والأحباب والأصدقاء وتبدل حال المجتمع المصري وأصبحت أري بأم العين أسود وأسوأ أيام عمري الأمر الذي يدعوني ودائماً بأن أحرص علي أن أتوجه بدعائي لله عز وجل في أن يجعل الموت خير وراحة لي من كل هذا الشر والفساد في الذمم والقيم , وأي شر أو شرور بعد كل مانعيشه يومياً ونراه علي شاشات التلفزة أو نقرأه بالصحف من أحداث وحوادث يقشعر لها البدن , حوادث لم أعهدها ولم أراها طيلة مشوار الحياة ففي الوقت الذي كان الأبن يخبأ سيجارته المشتعلة في جيب بنطلونه عندما يسوء حظه ويفاجئه والده والنار تأكل وتشوي في لحم فخذه ؟ أحتراماً وتقديساً وأكباراً له ؟ والآن نري الأبن ( يحشش ويشيش مع والده ) بل تجد الزوجة تشيش أي تشرب وتشد من دخان ومعسل الشيشة بينما زوجها يتفرج عليها كالنطع ؟ وفي حضور أولادها وبناتها والذين يشيشون معها بلا حرج أو كلفة ؟ أجد حوادث غير عقلانية أو أنسانية أو طبيعية وكارثية وحيوانية وبكل المعان فنجد الأب يقتل أبناؤه وزوجته ؟ والأبن يقتل أمه وأبيه وأخيه ؟ والزوجة تقتل زوجها وأبناؤها ووصولاً لحد التمثيل بالجثث ؟ أجد حوادث للأغتصاب يندي لها الجبين الحر ووصولاً لأغتصاب جدات مسنات ولعل آخرها أغتصاب رب أسرة وله زوجة وأولاد ؟ لجدة وسيدة مسنة في ( التسعون من العمر من ساكني أحواش المقابر بمقابر الخانكة ؟ ) أي لم يرحمها زمانها الأغبر والأسود ورمي بها لسكن المقابر ليأتي كلب وضيع لينهش عرضها في نهاية شيخوختها وهي في مقام جدته وهو في سن أحفادها ؟ أجد شباباً وأجيالاً ضائعة بكل معان للكلمة ؟ شباباً خاوياً من أنصاف أو أشباه المتعلمين بل أيضاً من أنصاف رجال ؟ كل وجل غايتهم هو الجينز والمحمول ومرازلة ومشاكسة خلق الله من نساء في عمر أمهاتهم أو بنات محصنات بأساليب وكلمات فذة وقذرة غريبة لاتمت لثقافتنا أو عاداتنا أو حتي لغتنا وحضارتنا العربية بأي صلة ؟ بل ووصولاً لحد التحرش والملامسة الجسدية لهن أمام المارة؟ والذين يمر عليهم الأمر ببلاهة واستنطاع غريب وكأن الأمر بات عادياً في سلوكيات الشارع المصري؟ وأجد بناتاً وفتيات أشباه عاريات يطلون علينا من خلال قنوات تلفزيونية لا تنهي مسمياتها ويقضون اليوم في مداره في رقص خليع ومرقعة وصلت لحد الفجور والعياذ بالله ؟ أجد أجيالاً كاملة في حالة من الضياع التام وانعدام تام للأنتماء أو المواطنة عصفت بهم وبأحلامهم وحش البطالة القسرية فارتموا في أحضان المخدرات أو الضياع والموت غرقاً في بحار ومحيطات الغربة ؟ بحثاً عن حلم ضائع وهو حق العمل والأنتاج وتحقيق الذات ؟ أجد أمامي حالة سائدة ومسيطرة علي كافة الأسر المصرية من التفكك والهجران والنكران والأنانية والجحود وبات الكل يقول نفسي والطوفان ؟ فتفككت أوصال الأسرة وضاعت صلة ذات الرحم في ظل حالة من الأنانية المطلقة للبحث المهين عن لقمة العيش علي مدار عقارب الساعة ؟ أصبحت الآن شابا ورجل كبيراً في دولتي ومع ذلك وفي نهايات المطاف لا أجد ما أسد به رمق أسرتي ناهيك علي أنني لا أجد ما أستر به بناتي حالة إقدامهم علي الزواج ووجدت نفسي عشت فى دولة لم تقدم لي أي شيء طوال سنوات عمري الضائعة بل لم تقدم لي حتي حد الكفاف الآمن وهو أقل مستوي للحياة الآدمية ؟ وبينما وعلي الجانب الآخر أجد نجاحات وحياة مترفة لآخرين لم يتقوا الله ونهبوا وأفسدوا وتربحوا بالحرام البين ونجوا ونجحوا ويستطيعون شراء الشقق والسيارات الفارهة وأنا مازلت ذلك الرجل الملتزم الشريف القانع والمتمرغ في أوحال المشاكل الحياتية ولا أستطيع حتي العيش في أقل مستويات الحياة الآدمية بعد خدمتي الطويلة فى السيارات بشرف وأمانة؟؟ تلك الدولة الظالمة قياداتها وولاة أمورها ؟ الأمر الذي يجعلني أتحسر ليس علي نفسي فقط ولكن علي من هم أسوأ حظاً مني من أبناء جلدتي ويقيني أنهم السواد الأعظم من شرفاء ومواطني دولتي , أنظر يومياً في وجوه العباد في الشوارع والأزقة والحواري وفي وسائل المواصلات فلا أجد سوي وجوه حزينة بائسة ويائسة وعيون غائرة وأجساد نحيلة مرهقة ومتعبه ومريضة وبسمة غابت إلي الأبد عن شفاه كانت تعشق الضحك والنكت في زمان ولي بناسه ووناسه ولن يعود ولن يعودوا ؟ أجد فساداً مستشري كالنار في الهشيم وللأسف من رجالات في الدولة مفترض أنهم من القادة وولاة الأمور فأجد أخباراً أنه تم القبض علي وكيل أول الوزارة الفلانية أو الوزارة العلانية ومتلبساً وبالصوت والصورة بالنهب والفساد وسرقة العباد والبلاد ؟ أجد شباباً هرب حتي إلي ألد أعداؤنا وتجنس بالجنسية الأسرائلية ونحن كل همنا محصور فقط في أن نحرمهم من الجنسية المصرية أم لا ؟ دون التطرق لمسببات وصولهم إلي أحط درجات عدم الولاء والأنتماء والأنحطاط وبالشكل الذي يهجرون بلادهم إلي ألد أعداء الوطن والأمة ؟ أجد نفسي في شارع يعج بكافة أنواع الأنفلات والتخلف وجبال من القاذورات والمخلفات وطفح المجارير وكأنني أمشي وأسير في عالم ووطن آخر و آخر من يكون هو مصر ؟ أجد أجيالاً من البلطجية والمسجلين ومعتادي الأجرام باتوا يسيطرون علي معظم الشوارع والحواري والأزقة نراهم وهم يغتصبون ويسرقون ويقتلون دون أدني حس من الآدمية أو الأنسانية ولعل آخر ماقرأناه هو دهس وكيل أول وزارة الأعلام السابق بسيارة أتوبيس غير مرخصة وقتله وبكل بشاعة عن عمد وفي عز الظهر الأحمر وفي شهر رمضان المبارك وبشارع جامعة الدول العربية وبدم بارد بواسطة سائق جاهل وتباع صبي وكأنهم يدهسون قطة أو كلباً ودونما مراعاة حتي كونه رجل مسن وفي السبعون من عمره ؟ ناهينا عن مركزه الأجتماعي أو خدماته الجليلة والطويلة لتلك البلاد وأهلها ليدهس بالنهاية عن عمد وكأنه قطة أو فأر ومن كلاب آدمية منحطة ؟ ثم أقرأ في نفس الصفحة قائد من قيادات الشرطة برصاصات الغدر علي يد بلطجي آثم وقذر ومعتاد إجرام وهو الشهيد اللواء / أبراهيم عبد المعبود مدير مباحث السويس في عيد الفطر المبارك ؟ أجد وبكل بساطة بلد غير البلد ووطن غير الوطن وناس غير الناس وقيم غير القيم وانتماء ومواطنة في الحضيض وبالدرك الأسفل ؟ وفساد ذمم وضياع همم لم أراه ولم أعهده طيلة حياتي في مصر موطني وأهلي ووطني ؟ وأري إنحطاطاً لم أعهده أطلاقاً سواء في الخلق أو السلوك أو المعايير أو العادات والتقاليد أو حتي في التعامل بين المواطنين وأنفسهم ؟ أري إذا ذهبت لقسم الشرطة لقضاء مصلحة ما فكأن مصر كلها بداخله ؟ وإذا ذهبت لزيارة مريض بمستشفي فأنني أشعر أن مصر كلها برجالها ونسائها وأطفالها وشبابها مرضي داخل تلك المستشفي أو ذاك ؟ أري أطفالاً في الشوارع هائمون علي وجوههم كالكلاب والقطط الضالة ويدخنون البانجو ويشمون الكلة ولا أدري أين أباؤهم أو أمهاتهم أو ماذا سيكون مستقبلهم وجسامة خطورتهم حين يبلغون ويكبرون ؟ ومن هم المتسببون في ضياعهم وبهذه الحيوانية وانعدام الضمائر ؟ أري متسولين باتوا يملأون الشوارع والحواري والميادين وتشعر أن مصر كلها برجالها ونسائها باتوا يتسولون علي الطرقات والمقاهي ويسألون ويتسولون المساعدة ؟ وحتي في رمضان أجد مصر كلها جالسة علي موائد الرحمن وكأننا في حالة مجاعة وحرمان أو حالة حرب ؟ فهل يتكرم أحدكم ويخبرني أين أنا بحق الله عليكم ؟؟ وفي أي دولة أمسيت أعيش ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق